الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

عندما يتحول الموت إلى أمنية

(ن، م) يبلغ من العمر (46 عاماً)، يعمل حارس أمن، لديه من الأبناء 6، ويعيل والديه، يتحدث حول أوضاعه المعيشية وبالأخص بعد انتشار فايروس كورونا في غزة. يقول بصوت في حشرجة، بالكاد أستطيع توفير المتطلبات اليومية لأسرتي، من راتبي الذي أتقاضاه كل 40 يوم تقريباً، ولا يتجاوز 1000 شيكل. يواصل أنا إنسان بسيط، أسكن في محافظة شمال غزة، وأعمل حارساً على إحدى المقار الحكومية في مدينة غزة، إبني الكبير في الجامعة، وزوجتي مريضة، وتعاني من فقدان البصر في إحدى عينيها، والعين الأخرى لا ترى فيها بشكل جيد، وتحتاج يومياً لمراهم ومسيلات دم كنت أصرفها من عيادة وكالة الغوث، وفي بعض الأحيان من عيادة الحكومة، وفي أحيان أخرى كنت أشتريها على حسابي الخاص. تعيش معي والدتي وتبلغ من العمر (82 عاماً)، وتعاني من أمراض ضغط الدم، والسكر، والكلى، وتحتاج بشكل يومي لأدويتها، التي أشتري جزءاً منها في بعض الأحيان على حسابي.

الناس تنظر لي كموظف يتقاضى راتباً، ولكن في الحقيقة أنا بالكاد أستطيع العيش، لقد جعلت ابني الكبير يوقف فصله الدراسي لأني لا أملك المال لتسديد الرسوم الجامعية، أشتري الأدوية الأرخص لوالدتي وزوجتي، لا نتناول اللحوم إلا مرة شهرياً، لا يستقل أولادي سيارات الأجرة عندما يخرجون بل يسيرون على أقدامهم لكي نوفر ثمن المواصلات. ولاتستطيع زوجتي أن تخبز في المنزل لأنها بسبب ضعف بصرها، وفي الوقت نفسه لا أستطيع شراء الخبز من المخبز، فأقوم أنا بإعداد الخبز في المنزل، نشرب في المنزل من المياه التي تصل من البلدية، ولا أشتري المياه المفلترة. أسلك طريقاً طويلة عند العودة لمنزلي حتى لا يراني صاحب الدكان، الذي تراكمت ديوني عنده حتى وصلت (4000) شيقل. بعد إعلان تفشي جائحة كورونا في غزة، ومنعت على إثره الحركة في القطاع، ازدادت الأمور سوءاً، أنا أذهب يومياً إلى عملي وأرجع إلى منزلي سيراً على الأقدام، أسير مسافة 16 كيلو متر تقريباً من مكان عملي في مدينة غزة إلى مسكني في الشمال. واليوم في ظل الإغلاق أنا مجبر على شراء العلاجات الطبية كافة لزوجتي ولأمي على حسابي. لا أستطيع شراء المياه المفلترة والتي تلزم للحفاظ على الصحة والنظافة في ظل تفشي كورونا، لا نأكل هذه الأيام سوى الخبز وقليل من الزعتر بدون زيت. منذ يومين اتصلت بي أختي، التي تعاني من وضع معيشي صعب، تريد أن تستدين مني مبلغ 20 شيكل، لم تكن معي، وقلت لها والله لا أملكها، ولا يوجد في المنزل سوى 4 شواقل. أنهيت مكالمتها وجلست بعدها أبكي وحدي في غرفتي، اضطررت إلى بيع جهازي الخلوي لأستطيع تدبر أمور، وأخذت بدلاً عنه جهاز زوجتي، وهو الآن أيضاً معروض للبيع، ولا يوجد شيء آخر أبيعه بعدها. لا أعرف إلى متى سيستمر هذا الحال، ولكني أتمنى الموت كل يوم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق