الجمعة، 11 سبتمبر 2020

الحصار وتداعياته مهدا الطريق لكي يتحول تفشي كورونا إلى كارثة إنسانية

يلخص (م. م)، (39 عاماً)، من سكان حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، الظروف التي تمر فيها عشرات آلاف الأسر، بعد أن تجاوزت نسبة الفقراء أكثر من نصف السكان، مهدد بالطرد من المنزل، ولا يستطيع توفير الحد الأدنى من احتياجات أسرته، فيقول:

أسكن في حي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، متزوج، ولدي أسرة مكونة من 10 أفراد، جلهم من الأطفال، كان لدي محل تجاري لبيع الأجهزة الكهربائية والهواتف النقالة، قبل حوالي 5 سنوات، ومع تشديد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، بدأ الوضع الاقتصادي يزداد تدهوراً وأغلقت المحل لعدم قدرتي على دفع الإيجار، نتيجة تراكم الديون وعدم استطاعتي تحصيل ثمن البضائع المباعة للزبائن الذين كانوا يأخذونها بنظام التقسيط.

ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أعرف طعم الراحة بسبب الديون المتراكمة علي، ورحت أبيع أثاث منزلي قطعة تلو الأخرى، لتسديد بعض الديون حتى لا أسجن. فقد كانت عدة قضايا مرفوعة ضدي من قبل تجار الجملة الذين كنت أتعامل معهم ويوردون لي الأجهزة. طردت من منزلي، لعدم قدرتي على تسديد قيمة الإيجار. رحت أتنقل من منزل لآخر، وكنت لا ألتزم بتسديد بدل الإيجار لأنه لم يكن لدي مصدر دخل، وبلغ مجموع المنازل التي طردت منها خلال خمس سنوات عشرة منازل. ويعتقد البعض أنني أمارس النصب والاحتيال وهم لا يعرفون حقيقة الواقع الذي أعيشه. منزل عائلتي لا يتسع لمن هم فيه الآن، فأهلي أوضاعهم المالية صعبة أيضاً، وهم لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم اليومية.

وخلال الفترة السابقة عملت في عدد من المهن المختلفة، وبالكاد كنت أستطيع تلبية احتياجات أسرتي وتوفير الحد الأدنى لبقائها على قيد الحياة. منذ تفشي جائحة كورونا في قطاع غزة وإعلان وزارة الداخلية فرض حظر التجوال بتاريخ 24/8/2020، وأنا جالس في المنزل لا أعمل وغير قادر على تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرتي، وأقولها بكل صراحة، لم نأكل في المنزل طيلة الأسابيع الثلاث الماضية سوى الجبن الأبيض الرخيص من نوع (فيتا)، ومع ذلك كنت أستدين ثمنه هو والطحين من أجل إعداد الخبز. ولا أستطيع الخروج من المنزل للبحث عن أي عمل حتى لو كان براتب عشرة شواقل في اليوم، فمنطقتنا حي الشيخ رضوان من المناطق المصنفة حمراء لتفشى الفايروس فيها. ولا أعلم ماذا سأفعل خلال الأيام القادمة، فأنا لا أستطيع تلبية الحد الأدنى من احتياجات أسرتي، أطفالي يتوقون لأكل طعام مختلف، يتوقون لشراء الحلويات مثلهم مثل باقي الأطفال، ولكن الله غالب. كنت دائماً أقول لهم لا يستطيع أحد أن يذهب ويجلب الطعام والحلويات من البقالة المقابلة لنا بسبب تفشي المرض، ولكن الحقيقة كنت أكذب عليهم لأنه لا يوجد معي مال، والأخطر من ذلك أنني وأسرتي مهددون بالطرد من الشقة التي أمكث فيها الآن لعدم تمكني من دفع الإيجار، كل ذلك ولم يطرق باب منزلنا أحد، ولم نتلقى أية مساعدة من أية جهة.


 

The blockade paved the way for Covid-19 to bring about a humanitarian catastrophe


M.M, is a 39-year-old man who lives in Al Sheikh Radwan neighborhood in Gaza City. He is one of thousands of people in Gaza living under the threat of eviction due to their inability to pay rent amid the lockdown. He told Al Mezan:

 

“I live in Al Sheikh Radwan neighborhood in Gaza City, I’m married and a father of eight. Five years ago, I used to run a shop for selling electronics and cell phones but as the Israeli blockade tightened, many of my customers who pay by instalment started defaulting. The business incurred such severe loses that I was unable to pay my rent and closed the shop. Since then, I have been under constant distress. I sold my home furniture to pay off some of the debts to avoid imprisonment after suppliers filed lawsuits against me. I was evicted from ten houses in total during the past five years, moving from one house to another, as I could not  pay the rent of for lack of income. Some people think I’m a fraudster and nobody knows how hard my life is. My parents’ house could barely fit those living inside it, and my parents’ financial conditions are also poor; they can’t meet their basic needs.

 

I have since worked in many occupations and I could barely meet my family’s basic needs and provide the minimum levels of subsistence. Since the Ministry of Interior imposed a full lockdown due to the spread of COVID-19 on 24 August 2020, I have been staying at home without any work. To be honest, for the last three weeks we haven’t eaten anything except white cheese, and I borrowed money to buy flour for baking bread. I can’t look for work under this lockdown since our neighborhood is categorized as an endemic area.  I don’t know what to do in the coming days. My children wish to eat different types of food and buy candy. I keep telling them that the grocery store is closed due to the lockdown but in fact I don’t have money to go to the store. We’re are now under threat of eviction once more as I’m unable to pay the rent. We haven’t received any assistance and nobody contacted us to offer help”.

تفشي البطالة والفقر من أسوأ تداعيات كورونا والإغلاق في ظل الانهيار الاقتصادي في قطاع غزة

(م. ح)، (37 عاماً)، صاحب مطعم مأكولات ومشاوي، وهو من سكان محافظة دير البلح، وحول فقدان مصدر دخله هو والعمال والخسائر التي تكبدها يقول:

افتتحت المطعم عام 2014، وهو مطعم يقدم شاورما والمشاوي بأشكالها، ويستقبل الجمهور داخل المطعم، ويخدم المحافظة الوسطى، ولنا بحمد الله سمعة جيدة وعلينا إقبال جيد من الناس لأننا نعمل بأمانة وإخلاص ونلتزم بصرامة في الضوابط الصحية، ويعمل في مطعمي 12 شخصاً يعيلون أنفسهم وأسرهم، ويقدر عدد الأفراد المستفيدين والمعالين من المطعم حوالي 50 فرداً من بينهم أطفال ونساء.

مساء يوم الاثنين الموافق 24/08/2020، أُبلغنا بقرار وزارة الداخلية والأمن الوطني إغلاق كافة المطاعم والمحال التجارية وفرض حظر التجوال وهو قرار كان مفاجئاً، وعلى إثر اكتشاف حالات مصابة بفايروس كورونا داخل القطاع، وبالتحديد في مخيم المغازي. قررت الالتزام بالإغلاق وأبلغت العاملين بتوقف عمل المطعم، حفاظاً على صحتهم وصحة المجتمع والتزاماً بقرار وزارة الداخلية. وتسبب إغلاق المطعم في خسائر كبيرة، لأن الاغلاق كان مفاجئاً وغير متوقع، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي، ما أدى إلى فساد كمية كبيرة من المواد الغذائية الموجودة في المطعم وخاصة كمية كبيرة من اللحوم تقدر بآلاف الشواقل. هذا إلى جانب الخسائر المتعلقة بأجرة المحل، والرسوم المفروضة من البلدية وغيرها من المصروفات المستحقة. ومع استمرار الإغلاق، وحتى لا تتراكم عليَّ الديون، أبلغت العاملين في المطعم جميعهم بقرار تسريحهم، ما يعني فقدان حوالي 12 أسرة مصدر دخلهم اليومي والوحيد. وضعت خطة للعودة وافتتاح المطعم بعد تخفيف الإجراءات والسماح بعودة عملنا، بحيث أتولى أنا وأسرتي إدارة المطعم وتشغيله وعدم الاستعانة بأيدي عاملة للحد من حجم الخسائر التي منيت بها. ومساء السبت الموافق 5/9/2020، صرحت الداخلية بتخفيف الإجراءات على منطقة دير البلح، وحددت ساعات الحركة من الساعة 07:00 صباحاُ حتى الساعة 20:00 مساءً، ولكن هذا التخفيف لا يحل مشكلة أصحاب المطاعم، لأن ذروة عملنا هي في ساعات المساء وحتى ساعات متأخرة من الليل.

وبحسب المواعيد التي حددتها وزارة الداخلية قد نضطر إلى الإغلاق بشكل كامل حتى تنتهي الأزمة وتلغى القيود على الحركة، وحتى ذلك الوقت، فأنا أنفق حالياً من المال الذي كنت قد ادخرته لسداد التزاماتي تجاه الموردين، ولا أعلم بعد فترة وبعد نفاذ ذلك المال وهو بالمناسبة ليس كثير، كيف سأتدبر أمري، لقد أصبحت في وضع نفسي سيء للغاية، فأنا لا أفكر في أسرتي ومصاريفها فقط، بل أفكر في العمال وأسرهم الذين سرحتهم كيف سيتدبرون أمورهم في المستقبل، ولكل واحد منهم حكاية حول وضعه المالي والأسري الصعب.